تقديم

       تتداخل مجموعة من العوامل الطبيعية والبشرية من أجل تشكيل المجال الجغرافي بالمغرب، ورسم مشاهده المتنوعة. ويلعب الإنسان دورا محوريا في دينامية المجالات المغربية، معتمدا على دراياته وخبراته، وقدرته على التكيف مع مختلف الخصوصيات والتحولات، وتبنيه لاستراتيجيات ساهمت بشكل واضح في تشكيل المجال.
تميز هذا التشكيل بالاستمرارية في الزمن، وتحكم هذه الاستمرارية مجموعة من العوامل، من بينها ظهور اختلالات وازنة وإكراهات ذات صلة بالمجال نفسه، وأخرى مرتبطة بالمحيط الاجتماعي والاقتصادي بمقاييس مختلفة. أفرزت هذه التحولات مجموعة من الاختلالات والإكراهات  كان لها أثر كبير على البيئة والإنسان، مما يفرض على الفاعلين إعادة التفكير في كيفية تدبير المجال وحمايته والحفاظ عليه بهدف استدامته.

شكل موضوع تشكيل وإعادة تشكيل المجالات، خاصة الهشة منها، موضوع اهتمام الباحثين الجغرافيين.   على هذا الأساس ينظم طلبة دكتوراه المجالات الهشة بالمغرب: الديناميات المجالية، البيئة وإعداد التراب، وتحت إشراف كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، ومختبر إعادة تشكيل المجال والتنمية المستدامة، يوميين دراسيين تحت عنوان: "قضايا جغرافية في تدبير الموارد وإعادة تشكيل المجال" في نسخته الثالثة، بهدف الإحاطة بالتجارب التنموية والتوجهات الاستراتيجية ذات الدوافع والسياقات المتعددة (الدولية، الجهوية، المحلية)، والتي أقحمت في صيرورة إعادة التشكيل المجالي، حيث أفرزت عدة قضايا وإشكاليات جغرافية تستدعي إحاطتها بكثير من الاهتمام والدراسة العلمية، من أجل التدخل ومعالجة الاختلالات المجالية.
سنحاول من خلال هذين اليومين الدراسيين التطرق لمختلف القضايا المتعلقة بتدبير الموارد وإعادة تشكيل المجال المغربي، بهدف رصد وتتبع الدينامية التي عرفها فعل التدبير وأثره على الموارد والبيئة، وجرد مختلف الإجابات التي قدمها مختلف الفاعلين لضمان استدامتها. وتعد هذه الأيام العلمية مناسبة لتبادل التجارب حول قضايا التنمية الترابية والتدبير المجالي، وعرض مختلف المقاربات المنهجية التي تم اعتمادها لدراسة مثل هذه الإشكاليات. وسيشكل اليومان الدراسيان المنظمان برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة في نسختهما الثالثة، فرصة لتبادل الأفكار والتصورات، حول الواقع الحالي للمجال المغربي.